إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرسل إِلَى ملوك الأرض آحاداً يبلغون النَّاس الدين، فلو أن كل أمة جاءت وقالت: لا نؤمن ولا نصدق بأن هذا الكتاب من عنده إلا إذا جاءنا من سبعين عن سبعين إِلَى آخره لكان هذا جنوناً في عقولهم، قبل أن يكون تكذيباً للرَسُول الذي أرسل هذا الرسول.
وهذا أمر معروف لدى سائر البشر حتى اليوم، فإن لديهم علامات، ولديهم قرائن للحق غير التواتر.
فلو أن النَّاس أخذوا هذا المبدأ، وَقَالُوا: لا نتعامل إلا بما ينقله جمع عن جمع لكلف ذلك شططاً، ولكنت تحتاج إذا أردت أن تشهد عَلَى قضية أو تكتب عن مسألة أن تشهد عليها سبعين أو عشرين، كما اشترط هَؤُلاءِ المتكلمون، ثُمَّ بعد ذلك يكون اليقين.
وهكذا فالعاقل إذا تأمل ذلك يجد أنهم مجانبون للصواب بوضوح، وإنما كَانَ قصدهم زندقة وهدم لدين الإسلام، ولذلك ينبه المُصنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى شيء من كيفية حصول العلم وكيفية حصول اليقين في القلوب.